باريس سان جيرمان وباريس إف سي- طموحات جديدة في كرة القدم الفرنسية

المؤلف: وكالة الأنباء الفرنسية09.21.2025
باريس سان جيرمان وباريس إف سي- طموحات جديدة في كرة القدم الفرنسية

تشتهر باريس، درة المدن وعاصمة الأنوار، بهندستها المعمارية الآسرة، ومأكولاتها الشهية التي تُعدّ من أرقى ما يقدمه عالم الطهي، فضلاً عن مكانتها المرموقة كمهد للموضة والأزياء الراقية على مستوى العالم. ومع ذلك، تفتقد هذه المدينة المتألقة إلى عنصر حيوي يميز المدن العصرية، ألا وهو وجود "ديربي" كروي قوي ومثير يشعل حماس الجماهير.

على الرغم من الاستثمارات الهائلة التي ضخها نادي باريس سان جيرمان، المدعوم قطرياً، في السنوات الأخيرة، لجلب ألمع النجوم العالميين، مثل الأسطورة الأرجنتينية ليونيل ميسي، والبرازيلي الساحر نيمار، والفتى الذهبي كيليان مبابي، إلا أن العاصمة الفرنسية لم تنجح بعد في ترسيخ مكانتها كمركز رئيسي لكرة القدم.

ومع ذلك، تظل المنطقة الباريسية منبعاً غنياً بالمواهب الكروية الواعدة، ومصدراً لا ينضب لأفضل اللاعبين في العالم.

فقد شهدت بطولة كأس العالم 2022 التي أقيمت في قطر مشاركة 29 لاعباً نشأوا وترعرعوا في منطقة باريس الكبرى، ومن بينهم 11 لاعباً دافعوا عن ألوان المنتخب الفرنسي الذي وصل إلى المباراة النهائية، بينما ارتدى آخرون قمصان منتخبات وطنية أخرى، مثل البرتغال والكاميرون وتونس والسنغال والمغرب.

لكن باريس، التي تُعد أكبر منطقة حضرية في الاتحاد الأوروبي ويقطنها حوالي 12 مليون نسمة، لا تملك سوى فريق واحد فقط يشارك في الدوري الفرنسي الممتاز، وهو باريس سان جيرمان، وذلك منذ هبوط نادي راسينج باريس قبل 35 عاماً.

وعلى النقيض من العاصمة الفرنسية، تزخر لندن بسبعة أندية تتنافس في الدوري الإنجليزي الممتاز، بينما تتباهى المدن الكبرى الأخرى، مثل مدريد وميلانو وروما وبرشلونة وأثينا، بوجود العديد من الأندية التي تلعب في دوريات النخبة.

لكن هذا الواقع قد يتغير قريباً بفضل تدخل إحدى أغنى العائلات في العالم.

فعلى الرغم من التراجع النسبي الذي شهده قطاع السلع الفاخرة في الآونة الأخيرة، لا يزال برنار أرنو رمزاً للثراء الفاحش، ويُعتبر أغنى شخص في أوروبا بثروة تقدر بنحو 190 مليار دولار أمريكي.

يمتلك مؤسس مجموعة "إل في إم إتش"، الشركة العملاقة المتخصصة في السلع الفاخرة والتي تملك علامات تجارية مرموقة في عالم الأزياء، مثل ديور ولوي فويتون، بالإضافة إلى شامبانيا "مويت وشاندون"، المال والقوة التسويقية اللازمة لتحقيق المستحيل.

وفي خطوة مفاجئة، قامت عائلة أرنو في شهر نوفمبر الماضي بالاستحواذ على حصة الأغلبية في نادي "باريس إف سي"، وأعلن نجلها الأكبر أنطوان، وهو من عشاق كرة القدم وكان يحمل تذاكر موسمية في سان جيرمان، عن رغبتهم في تحويل النادي إلى قوة كروية لا يستهان بها.

وفي خطوة جريئة، أبرمت العائلة شراكة استراتيجية مع شركة ريد بول وأحد مديريها، المدرب الألماني الشهير يورجن كلوب، المدير الفني السابق لنادي ليفربول الإنجليزي، وذلك بهدف قيادة الفريق من دوري الدرجة الثانية "ليج 2" إلى دوري الأضواء، والوصول في نهاية المطاف إلى حجز مقعد له في دوري أبطال أوروبا، وفقاً للخطة الطموحة التي وضعتها الإدارة الجديدة للنادي.

وأكد أرنو، الذي ظهر خلفه شعار النادي الذي يتوسطه برج إيفل الشهير، أن "هذا المشروع طموح، ولكنه ليس ضرباً من الخيال".

لكن هناك عقبة واحدة تواجه هذا المشروع الطموح، وهي ضعف الحضور الجماهيري في مباريات الفريق التي تقام على ملعب "ستاد شارليتي"، حيث لم يتجاوز عدد المشجعين في معظم الأحيان حاجز 3 آلاف متفرج، وذلك قبل أن تبدأ إدارة النادي في توزيع تذاكر مجانية.

يُعد هذا الرقم ضئيلاً للغاية مقارنة بأعداد جماهير الغريم المفترض، نادي سان جيرمان، الذي يخوض مبارياته في ملعبه الشهير بارك دي برانس الذي يتسع لنحو 47 ألف متفرج، وعادة ما يكون ممتلئاً عن آخره.

وأكد أرنو، الذي يحظى بدعم كامل من أشقائه وشقيقته الكبرى ديلفين، أنهم "يرغبون في بناء فريق يضم 5 أو 6 أو 7 أو حتى 8 لاعبين من أكاديمية الشباب".

وعلى غرار العديد من النجوم السابقين، مثل المهاجم الفرنسي الأسطوري تييري هنري، وبول بوجبا وغيرهم، قام هؤلاء اللاعبون بتطوير مهاراتهم في شوارع وملاعب العاصمة وضواحيها الأكثر فقراً.

وعلى الرغم من أن سان جيرمان قد أظهر مؤخراً رغبة متزايدة في التركيز على اللاعبين المحليين، إلا أن باريس إف سي يطمح إلى التفوق على جاره في هذا المجال.

وقال رئيس النادي بيار فيراتشي، الذي من المقرر أن يبقى في منصبه حتى عام 2027 بموجب الاتفاق المبرم مع الثنائي أرنو وريد بول: "نحلم بأن نصبح أفضل أكاديمية للشباب في فرنسا يوماً ما، كما نحلم أيضاً بتحقيق لقب الدوري الفرنسي واللعب في البطولات الأوروبية".

وأضاف: "الحلم الأكبر هو أن نصبح يوماً ما مثل أكاديمية لا ماسيا الشهيرة التابعة لنادي برشلونة الإسباني، والتي أخرجت نجوماً عالميين مثل ميسي وتشافي وإنييستا وبيب جوارديولا، المدير الفني الحالي لنادي مانشستر سيتي الإنجليزي، بالإضافة إلى العديد من اللاعبين الموهوبين الآخرين".

تمتلك عائلة أرنو قدرات مالية هائلة تضاهي ما فعله القطريون في سان جيرمان، لكنها تشدد على أنها لن تتبع النهج نفسه، وهو ما أكده أنطوان قائلاً: "نحن لا نميل إلى صرف الأموال بشكل عشوائي".

 

 

 

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة